فطريات قاتلة “تتغذى” على مرضى “كوفيد-19” وربما تكون سببا في مقتل الآلاف
بمجرد دخول المريض المصاب بـ”كوفيد-19″ الشديد وحدة الرعاية الحرجة، يجب أن يكون في أكثر الأماكن أمانا لتلقي المساعدة المنقذة للحياة.
ولكن قد يكون هناك خطر آخر في انتظاره، وهو فطر يحذر الخبراء من أنه يمكن أن يصيب الرئتين الضعيفتين لواحد من كل ثلاثة مرضى بفيروس كورونا الحاد في العناية المركزة، ويقتل ما يصل إلى 70% من المصابين.
والفطريات المعنية تسمى “رشاشية دخناء” (Aspergillus fumigatus)، وهي موجودة في كل مكان حولنا، في الهواء والتربة والغذاء وفي المواد العضوية المتحللة مثل سماد الحديقة.
وتعرف الرشاشية الدخناء بأنها فطر انتهازي يفترس الأشخاص الذين يعانون من ضعف شديد في جهاز المناعة بسبب المرض.
وعندما تغزو البشر، فإنها تسبب حالة تسمى داء الرشاشيات، وتؤثر بشكل أساسي على الرئتين. وهناك، يمكن للفطر أن ينمو إلى كتلة بحجم كرة التنس والتي يمكن أن يكون من الصعب للغاية القضاء عليها.
ويمكن أن تتطور العدوى إلى داء الرشاشيات الغازي، حيث ينتشر إلى الجلد أو الدماغ أو القلب أو الكلى.
ويقول الخبراء الذين تحدثوا إلى موقع Good Health إن عددا لا يحصى من مرضى “كوفيد-19” ممن وقع إدخالهم إلى وحدات الرعاية الحرجة الذين يعانون من صعوبات شديدة في التنفس أصيبوا بعد ذلك بالرشاشيات.
وتختلف التقديرات حول العدد الدقيق لمرضى الرعاية الحرجة المصابين. وذكر بيان صحفي بحثي صادر عن محققين في جامعة إكستر في مارس أنه يصل إلى واحد من كل ثلاثة مرضى.، بينما تشير دراسة دولية نُشرت في مجلة Emerging Infectious Diseases في أكتوبر إلى وجود إصابة واحدة من كل ست حالات في العناية.
ووفقا لأحد الخبراء البريطانيين البارزين، ديفيد دينينغ، أستاذ الأمراض المعدية في جامعة مانشستر، يعتمد الكثير على مدى جودة الأطباء في تشخيص العدوى الفطرية الشديدة ووعيهم بها.
وأوضحت صحيفة Good Health: “ربما يكون هناك الكثير من المرضى الذين ماتوا في الرعاية الحرجة مع هذه العدوى ولم يتم تشخيصهم مطلقا”.
ويشار إلى أن العلاج القياسي المعتمد هو الأدوية المضادة للفطريات تسمى آزول (azoles). وإذا تم إعطاؤها في الوقت المناسب، يمكن أن تعالج 75% من مرضى الرشاشيات، كما يقول البروفيسور دينينغ.
ومع ذلك، فإن فطر الرشاشيات يطور مقاومة لهذه الأدوية، وهذا يرجع في المقام الأول إلى الإفراط في استخدام الآزولات (صنف من المركبات العضوية خماسية الحلقة غير المتجانسة وغير المشبعة) في كل من الطب والزراعة.
وشجع هذا سلالات أكثر ضراوة من الفطريات على التطور، والتي تقاوم حتى الجرعات العالية من الآزولات، كما يقول البروفيسور دينينغ.
وتُستخدم بخاخات الآزول المضادة للفطريات على نباتات الزينة لإبقائها بصحة جيدة في البيوت الزجاجية وعلى المصابيح المخزنة.
ويشرح البروفيسور دينينغ: “مقاومة الأدوية أمر يدعو إلى القلق الشديد. نحو 13% من عدوى الرشاشيات في بعض مناطق لندن تتضمن الآن سلالات مقاومة”.
ويقول البروفيسور دينينغ إن موظفي الرعاية الحرجة في هيئة الخدمات الصحية الوطنية يجب أن يكونوا “أكثر وعيا وأكثر حذرا” بشأن التهديد.
وتابع: “مع دخول المرضى إلى وحدات العناية المركزة (ICU)، خاصةً مع كوفيد-19، نحتاج إلى التفكير في الرشاشيات، وأخذ عينات روتينية. نحن بحاجة إلى مستوى جديد تماما من اليقظة. إنه أمر سيء بما يكفي أن تكون في وحدة العناية المركزة، ولكن أن يكون لديك فطر أيضا، فهذا ليس جيدا”.
وتقول البروفيسورة أديليا واريس، المديرة المشاركة لمركز مجلس البحوث الطبية لعلم الفطريات الطبية (دراسة الفطريات)، إن المتخصصين يحاولون تحديد السبب الذي يجعل الرشاشيات مميتة للغاية لمرضى كوفيد.
وصرحت لصحيفة Good Health: “نحن لا نفهم تماما بعد كيف يتفاعل فيروس كورونا مع جهاز المناعة ويجعل دفاعات المرضى أقل قدرة على محاربة الضربة الثانية للعدوى الفطرية. أعتقد أن الفيروس التاجي يضر بهياكل الرئة والمسالك الهوائية للمرضى للغاية ويفعل شيئا ما للدفاعات المناعية للمرضى. وهذا يجعلها أكثر عرضة لاكتساب الرشاشيات”.
وتقول إحدى النظريات، التي تم اقتراحها في مجلة Microbial Ecology الشهر الماضي، إن كلا من “كوفيد-19 والرشاشية الدخناء يهاجمان نفس الجزيئات داخل الرئتين، ولذلك عندما ينتهك “كوفيد-19” بشكل فعال تلك الدفاعات، يمكن أن تأتي الفطريات.
وتشرح البروفيسورة واريس: “إذا استفاد داء الرشاشيات من ضعف المرضى ونما، فإن الأمور تصبح فوضوية حقا. معدلات الوفيات مرتفعة للغاية. وتشير الدراسات حتى الآن إلى أن هذه العدوى يمكن أن تقتل ما يصل إلى 70% من المرضى المصابين”.
لكن كوفيد ليس فقط هو الذي يفتح الطريق أمام الرشاشيات، حيث أنه حتى وقت قريب جدا، كان يُنظر إلى داء الرشاشيات الغازي فقط في الأشخاص الذين تم تدمير دفاعاتهم بشدة، على سبيل المثال، من خلال العلاج الكيميائي أو زرع نخاع العظام أو مرض في الجهاز المناعي مثل الإيدز.
ولكن في عام 2019، كشفت الأدلة التي نُشرت في مجلة Lancet Respiratory Medicine من قبل محققين بلجيكيين وهولنديين كيف تطورت الرشاشيات إلى فطر خارق يمكن أن يصيب الأصحاء بالعدوى الفيروسية الشديدة، لا سيما الإنفلونزا.
ويقول البروفيسور دينينغ إن معدل الوفيات بين مرضى الإنفلونزا الحادة الذين يصابون بالرشاشيات في المملكة المتحدة يبلغ نحو 85%.
ومع ذلك، غالبا ما تمر عدوى الرشاشيات دون أن يتم اكتشافها في وحدات العناية المركزة التي تعالج مرضى “كوفيد-19” أو الإنفلونزا، لأن طرق التشخيص يمكن أن تكون صعبة وخطيرة.
المصدر: ديلي ميل